سلام ونعمة كل أخواتى
دى مجموعة عظات هامة جدا للشباب والشابات وكل اخواتنا فى المنتدى
وهتفيدكوا فى حياتكم كتير لحبيبنا الانبا موسي أسقف الشباب والانبا دمتريوس وأخرين يارب تعجبكم
الشباب والجسد
نيافة الأنبا موسى
يئن الشباب كثيراً من سطوة الجسد!!
لماذا سمح الله بهذه الحرب المستعرة بالداخل؟! ولماذا هذه الغريزة المتعبة؟
ألم يكن فى استطاعة الرب أن يخلقنا بدونها؟ أو على الأقل لا تتحرك فينا إلا فى إطار معين إرادى؟
ألم يقل الكتاب: "إن الجسد يشتهى ضد الروح، والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غل 17:5).
لكن القيامة حلت لنا المشكلة، فالرب يسوع نفسه، أخذ جسداً، وحل بيننا!!،
ولما فدانا على الصليب، ومات عوضاً عنا، قام بنفس الجسد، ولكن بشكل
نورانى!!، دخل إلى العلية، والأبواب مغلقة!!، كان جسده منيراً وروحانياً!!،
لم يتعرف عليه تلميذا عمواس، إلا بعد أن انفتحت أعينهما!!، ولم يتعرف عليه
التلاميذ على بحيرة طبرية، إلا بعد أن اصطادوا - بإرشاده - السمك
الكثير!!، وحينما صعد الرب إلى السماء، كان من الممكن أن ينفض عنه الجسد،
ويصعد إلى السماء بلاهوته فقط، لكنه صعد إلى السماء "جسدياً"، لأن لاهوته
لم ينفصل قط عن ناسوته، لا على الصليب، ولا فى القبر، ولا بعد القيامة، ولا
فى أورشليم السمائية!!
أتحد اللاهوت بالناسوت، بطريقة نهائية وابدية!! وصار لطبيعتنا الإنسانية
سفير فى مقادس السماء!! ووقف الرب، وما يزال، شفيعاً كفارياً عن جنسنا أمام
العدالة الإلهية..
"أكتب إليكم - يا أولادى - هذا لكى لا تخطئوا، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند
الآب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا
كل العالم أيضاً" (1يو 1:2،2).
ما هو الجسد؟
يرى البعض فى الجسم الإنسانى عدواً لدوداً للروح، وسجناً خطيراً لها!!
هذا الفكر ليس مسيحياً.. فالرب هو الذى خلق لنا هذا الجسد، وكل خليقة الرب
مقدسة وحسنة جداً، كل الأعضاء مقدسة، وكل خلاياها مقدسة، وكل وظائفها
مقدسة، بل الأعضاء التى نتصورها قبيحة، لها جمال أفضل، ففيها يكمن سر
الحياة، وسر استمرار النوع البشرى، وسر الاتحاد بالله، وشركة الخلق مع
الله!!
نظرتنا إذن هى المحتاجة إلى تعديل!! فلقد تدنت وتدنست، فلم تعد ترى فيما
خلقه الله من أعضاء وغرائز إلا السلبية والانحراف، وتنسى ما فى ذلك كله من
إيجابية وحب وقداسة!!
"ليكن الزواج مكرماً عند كل واحد، والمضجع غير نجس" (عب 4:13).
"لم يبغض أحد جسده قط، بل يقوته ويربيه" (أف 29:5).
"الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد" (اف 23:5).
"هذا السر عظيم (أن يكون الاثنان جسداً واحداً)، ولكنى أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة" (أف 32:5).
"الجسد ليس للزنا بل للرب، والرب للجسد" (1كو 13:6).
"الجسد للمسيح" (كو 17:2).
المشكلة إذن ليس فى "الجسم"، بل فى "تيار الإثم" العامل فى الجسم، ومن خلال
أعضائه، فالعين ترى الجيد والردىء، وكذلك الأذن وبقية الأعضاء، المشكلة
إذن هى إرادة الخطيئة، وتيار الإثم والفساد، الذى تسلل إلينا منذ سقوط آدم
أبينا.
أما حينما يدخل الرب إلى دائرة حياتنا، ويصير محور حبنا وانشغالنا، فحينئذ
يتقدس الجسد بروح الله العامل فينا، من خلال ركائز محددة وهى:
1- المعمودية :
وفيها لا نزيل "وسخ الجسد" بل يتطهر ضميرنا "من الأعمال الميتة" (1بط
21:4)، إذ فيها يتم تحديد الطبيعة الإنسانية بالروح القدس، ونولد ثانية من
الماء والروح، وكما كان روح الله يرف على وجه المياه فى الخليقة الأولى
العتيقة، كذلك يولد الإنسان من الماء والروح، ميلاداً جديداً، فيصير ابناً
لله، بعد أن كان ابناً لآدم.
2- الميرون :
وفيه يتم تثبيت الإنسان فى روح الله، ويتدشن هيكلاً مقدساً للرب، من خلاص
36 رشم صليب، تحمل معان روحية هامة، حيث تتم الرشومات هكذا:
الرشم الأول على الرأس، لتقديس الفكر.
7 رشومات على الحواس، لتقديسها أيضاً.
رشمان على القلب والبطن، لتقديس المشاعر والأحشاء.
رشمان على الظهر والصلب، لتقديس الإرادة.
12 رشماً على الذراعين، لتقديس الأعمال.
12 رشماً على الرجلين، لتقديس الخطوات.
وهكذا يتدشن الجسد بالروح القدس، كما ندشن الأوانى المقدسة، والكنائس،
والمذابح، وتتم فينا الكلمة: "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن
فيكم؟" (1كو 16:3).
3- التناول :
وفيه نثبت فى المسيح، ويثبت المسيح فينا، وذلك حينما يسرى دمه فى دمائنا،
ويتحد جسده الطاهر بأجسادنا، فنأخذ من الرب قوة قيامته، وحياة أبدية: "من
يأكل جسدى ويشرب دمى، يثبت فىّ وأنا فيه" (يو 56:6)، "من يأكلنى، يحيا بى"
(يو 57:6)، "من يأكل جسدى ويشرب دمى، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه فى اليوم
الأخير" (يو 54:6).
4- الجهاد الروحى :
وما يشمله من جهاد ضد الخطية، وأمانة فى حفظ الوصية، وصلاة متواترة
ومستمرة، ودراسة لكلمة الله الحية، وقراءات واجتماعات وخلوات روحية.. فهذه
كلها تنير الذهن وتشبع الروح، وتضبط الجسد، وتقدس الكيان الإنسانى.
إن الصوم ورفع الذراعين فى الصلاة، وقرع الصدر، والمطانيات، وسائل ناجحة فى
ضبط الجسد واشعال نار الروح، وتطهير الكيان الإنسانى من أوجاع الخطية، مع
التعبير المستمر عن الحب لله والأمانة فى الجهاد الروحى.
وكما اشترك الجسد مع الروح فى صنع الخطية، هكذا يشتركان معاً فى الجهاد
الروحى، ليشتركا معاً فى النهاية فى المجد الأبدى، فالإنسان كل متكامل، ليس
فيه تجزئة أو تفتيت!!
الجسم ليس نجساً :
مما يؤكد أن "الجسم" ليس نجساً، أن خطايا كثيرة نسبها الرسول بولس للجسد،
ولكنها خطايا نفسية، ليس للأعضاء دخل فيها، إذ يقول: "... وأعمال الجسد
ظاهرة التى هى: زنا، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة،
خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر..." (غل 19:5-21).
وهكذا أوضح لنا لخطايا جسدية عضوية: كالزنا والنجاسة والقتل والسكر، وأخرى
نفسية: كالعداوة والخصام والغيرة والسخط والتحزب والحسد... ونسب الكل
للجسد، أى "لتيار الإثم العامل فى الجسم" وليس للجسم التشريحى نفسه!!
القيامة والجسد :
شكراً للرب إذن، لأنه قدس أجسدانا حينما أتحد بطبيعتنا، وحينما رضى ان يتحد
بنا ويسكن فينا، فالعذراء ندعوها "معمل اتحاد الطبائع"، وفى تجسد الرب من
أحشائها قبول ضمنى أن يسكن فى كل منا "هأنذا واقف على الباب وأقرع، عن سمع
أحد صوتى، وفتح الباب، أدخل إليه، وأتعشى معه، وهو معى" (رؤ 20:3)، "ليحل
المسيح بالإيمان فى قلوبكم" (أف 17:3)، "أنا فيهم وأنت فىّ" (يو 23:17).
فلنتعامل مع أجسادنا من هذا المنطلق المقدس!!
ولنجاهد فى طريق الطهارة، معتبرين أننا نتعامل مع "هيكل الله" وأن "من يفسد
هيكل الله، سيفسده الله، لن هيكل الله مقدس الذى أنتم هو" (1كو 17:3).
الشباب والتدخين
مع أن المسيحية لم تهتم كثيراً بوضع شرائع محددة فى أمور الحياة اليومية، إلا أنها حرصت على أمرين:
أولاً: أن تكشف مكامن الخطأ وجذوره، وتطالبنا برفضه والإقلاع عنه...
وثانياً: أن تدلنا على طريق النعمة الإلهية الغافرة الغامرة، التى تملأ جنبات قلب الإنسان بالإيجابيات المحببة، والفضائل البناءة.
ففى المجال الأول :
جاء السيد المسيح "لا لينقض بل ليكمل" (مت 17:5)، بمعنى أنه اعتبر وصايا
اليهودية وصايا مبدأية وبدائية، تحتاج إلى استكمال وعمق... لهذا قال مثلاً:
"لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء (أى شرائع التوراة وتعاليم رجال الله). ما جئت لأنقض بل لأكمل..." (مت 17:5).
"سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل... أما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم..." (مت 21:5).
"سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن. وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها فى قلبه..." (مت 27:5،28).
"سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن، وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل
من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً" (مت 38:5،39).
وهكذا لم يلغ السيد المسيح شريعة العهد القديم، بل أكملها، وغاص بنا إلى
عمقها، وتسامى عليها... فبعد أن كان الإنسان يتحاشى أن يقتل، صار يجتنب
الغضب. وبعد أن كان يهرب من الزنا الفعلى، صار يهرب من النظرة الشريرة.
وبعد أن كان يضبط نفسه فى الإنتقام، صار يعاتب ويحب.
هذا تمهيد ضرورى لنعرف لماذا لم تقدم المسيحية شرائع محددة؟ السبب أنها
فضلت أن تعطى الإنسان نوراً إلهياً، ومقاييس مقدسة، يتعرف بها على الرأى
السديد، والموقف السليم، والتصرف الحسن.
مقاييس هامة :
قدمت المسيحية لنا ثلاثة مقاييس هامة، نتعرف بها على الأمور، ونميز بها الصواب من الخطأ...
1- "كل الأشياء تحل لى... لكن ليس كل الأشياء توافق" (1كو 23:10).
2- "كل الأشياء تحل لى... لكن ليس كل الأشياء تبنى" (1كو 23:10).
3- "كل الأشياء تحل لى... لكن لا يتسلط علىّ شئ" (1كو 12:6).
ومن هذه المنطلقات الثلاثة ندرس التدخين، أو الخمر، أو المخدرات، أو أى شئ جديد يطرأ على ساحة الحياة... وذلك من خلال ثلاثة أسئلة:
1- هل هذا الأمر يوافق أولاد الله، أم لا يوافقهم؟
2- وهل هذا الأمر يبنى الإنسان، أم يهدمه؟
3- ثم هل هو يتسلط عليه أم لا؟!
فالتدخين مثلاً :
1- لا يوافق أولاد الله... إذ أنهم ينبغى أن يكونوا صورة حسنة، وقدوة طيبة للجميع... وعليهم أن يقدموا أفضل أنموذج للناس.
2- ولا يبنى الإنسان... (فالتدخين ضار جداً بالصحة) كحقيقة علمية ثابتة
يكتبونها الآن مضطرين على كل علبة سجائر... فالتدخين لا يبنى صحة الإنسان
بل يهدمها، كما أنه يهدم اقتصاديات الإنسان، ويدمر إرادته..
أ- التدخين يؤثر على القلب، إذ يقلل من الأكسجين ويكثر من أول أكسيد
الكربون داخل الجسم... ولكى تأخذ الأنسجة كفايتها من الأكسجين، يضطر القلب
لبذل جهد أكبر وضربات أكثر... مما يجهد عضلة القلب ويصيبها بالأمراض.
ب- ويصيب الرئتين بالسرطان، نتيجة الالتهاب الهادئ المزمن المستمر، وهذا ثابت طبياً.
ج- ويصيب العينين بالضعف، نتيجة الدخان المتصاعد عليهما بتأثير ضار.
د- والمعدة أيضاً، تصاب بالقرحة، إذ يهيج الدخان المبلوع الغشاء المخاطى
للمعدة، فتفرز حامض الأيدروكلوريك استعداداً لطعام قادم، ولكن المعدة
خالية، فيبدأ الحامض فى أكل الغشاء المخاطى، مما يحدث قرحة بجدار المعدة.
هـ- ذلك بالإضافة إلى النزلات الشعبية، والامفزيما...
و- ومتاعب الهضم وفقدان الشهية...
ز- بل حتى الجنين فى بطن أمه يتأثر بدخان أمه أو أبيه.
لهذا خصصت أماكن للمدخنين وأخرى لغير المدخنين، وصرنا نسمع عن (ثورة غير المدخنين) أو (التدخين السلبى أو الغير المباشر).
ومعروف علمياً أن عمر المدخن أقل 8 سنوات فى المتوسط من عمر غير المدخن.
3- والمؤشر الأخير هو (التسلط)... ومعروف أن التدخين يتسلط على الإنسان،
ويصير الإنسان (عبداً للسيجارة)، ومع أن التدخين كان يعتبر قديماً (عادة)
صار يعتبر الآن (إدماناً)... وللعادة سلطانها... وللإدمان أخطاره
المدمرة... وكلمة "إدمان" (Addiction) من كلمة Add (أى يضيف ويزيد)... ذلك
لأن مدمن السجائر يحتاج دائماً أن يزيد من الجرعة التى يأخذها من
النيكوتين، ليصل إلى الاحساس المطلوب. والنيكوتين سم قاتل... وهذا معروف
علمياً.
وهكذا تحسم المسيحية قضية التدخين كخطأ يقترب من الخطيئة... بمعنى أنه
جريمة الإنسان فى حق نفسه وجسده وأسرته، ومن يعايشونه، بل حتى ربما للجنين
فى بطن أمه...
ولدينا فى الإنجيل آية هامة وخطيرة تقول :
"إن كان أحد يفسد هيكل الله (الجسد)، فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذى أنتم هو" (1كو 17:3).
إذن، فهناك (جزاء إلهى) خطير، لمن يهمل فى صحة جسده، ويفسد هذا الهيكل الإلهى الذى بناه إلهنا العظيم.
وما ينطبق على التدخين ينطبق على الخمر والمخدرات :
"الخمر مستهزئة، والمسكر عجاج، ومن يترنح بهما فليس بحكيم" (أم 1:20).
"لا تكن بين شريبى الخمر، بين المتلفين أجسادهم بالخمر" (أم 20:23).
"لمن الويل، لمن الشقاوة، لمن ازمهرار العينين، لمن الجروح بلا سبب ... للذين يدمنون الخمر" (أم 29:23،30).
"لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح" (أف 18:5).
"لا تنظر إلى الخمر إذا احمرت... فى الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأفعوان" (أم 31:23،32).
أما فى المجال الثانى :
وهو (العلاج)... فهو يعتمد على قوة إلهية قادرة ومغيرّة، مع إرادة بشرية
مقتنعة بضرورة التخلص من الشر والخطأ، وأقتناء القوة الإلهية المقدسة،
والنعمة السمائية المتسامية.
لهذا فنحن نؤمن بشركة العمل الإلهى مع العمل الإنسانى، النعمة الإلهية
والجهد البشرى، لذلك فكل ما يلزم الإنسان المدخن أو المدمن عموماً هو:
1- اقتناع صادق بالخطأ، وضرورة الإقلاع عن التدخين.
2- عزيمة صادقة وقوة إرادة لا تلين أمام موقف أو (عزومة) أو صداع...
3- شركة حية مع الله، طالبين معونته فى هذا الجهاد...
ولعل أكثر ما يؤلمنا هو :
1- إن مبيعات السجائر قلت فى الدول الغنية المتقدمة، وازدادت فى العالم الثالث الفقير.
2- إن حوالى 40 مليون أمريكى أقلعوا عن التدخين، بينما يزداد عدد المدخنين لدينا.
3- أن الدولة تدعم السيجارة مضطرة أمام عوامل اقتصادية واجتماعية.
4- إن المرأة فى مصر بدأت تدخل فى حلبة التدخين المدمرة.
5- بدأ الشبان والشابات فى استعمال الشيشة، وهى تحمل كل مخاطر التدخين، بالإضافة إلى إمكانية الإصابة بالدرن (السل الرئوى).
لذلك فنحن نشتاق إلى حملة حادة ضد التدخين، من خلال الندوات خصوصاً للفتيان
والشباب، ليشبوا أقوياء الشخصية لا يتأثرون بأصدقاء السوء، ولا بإغراء
الشيطان... وكذلك من خلال الدراسات العلمية المقنعة لأبنائنا وبناتنا... من
خلال القدوة وبالذات بين الآباء والأمهات، والأطباء، ورجال الدين. خصوصاً
إذا لاحظنا أن نسبة كبيرة من الأطباء، مازالت تدخن (وكأن التدخين لا يضر
الصحة)، وبعض الوالدين يدخنون (وكأن من الممكن أن يقنعوا أولادهم بعدم
التدخين بينما هم يدخنون)... الرب يحفظ أجيالنا من كل الآفات المدمرة
لحياتهم
الشباب ومخاطر الخمور
1- مقدمة
عرف الإنسان الكحول منذ أكثر من 4000 سنة ق.م. واستعمله فى أمور كثيرة منها
الطبية مثل تطهير الجروح "السامرى الصالح" (لو 34:10) ومثل اسقام المعدة
وغيرها كعلاج (1تيمو 23:5) واستعمله أيضاً كمذيب وكمهدئ.
والخمور من أصل نباتى وتحضر بتخمير الفاكهة أو الحبوب، أو الخضراوات،
فمثلاً البيرة تصنع من الشعير، والنبيذ من العنب، حيث تترك فى الهواء مع
إضافة قليل من الماء لها، وبعد تخمرها بفعل البكتيريا، ويتغير المذاق
والرائحة، وتسمى طريقة التخمير البسيط، أما الطريقة الأخرى لصناعة الخمور
وهى التقطير، وفيها يتم غليان النوع المستعمل وتكثيف البخار الناتج، وتكون
نسبة الكحول عالية ويمكن تخفيضها حسب المطلوب.
2- تأثير الكحول على الإنسان
يعتبر الكحول من العقارات المهبطة، لأنه يبطئ قدرة المخ على التحكم فى عمل
أعضاء الجسم، وأيضاً على التفكير، وعلى اتخاذ القرارات، وعلى الحكم السوى -
مهما كان مصدر الكحول، سواء فى البيرة أو النبيذ، أو فى أى نوع من أنواع
المسكرات الأخرى - ولذا فإن تأثير الخمور على الإنسان لا يتوقف على نوع
الخمر، وإنما على كمية الكحول الموجودة فى هذا النوع.
والسكر هو حالة مرضية تتميز بسلوك غير طبيعى، لبحث واقتناء وشرب الخمر بإفراط، مما يؤدى إلى عدم التحكم فى:
أ- عدد مرات شرب الخمر. ب- كمية الخمر المستعملة فى كل مرة.
وينتج عن ذلك تدهور فى صحة المدمن، وفى حياته الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وبالطبع تتدهور حياته الروحية.
التأثيرات قصيرة المدى:
تختلف التأثيرات بحسب الجنس (رجل أو امرأة)، الحجم (نحيف أو بدين) قدرة الجسم على تمثيل الغذاء، محتويات المعدة فى وقت الشرب.
وأهم التأثيرات قصيرة المدى:
1- احمرار العينين والوجه، والشعور بارتفاع درجة حرارة الجسم.
2- رائحة غير مقبولة بالفم والتنفس.
3- الغثيان والقيئ.
4- خلل فى الاتصال وفى الاستجابة، بين المتعاطى ومن حوله، سواء أسرته أو المجتمع الذى يعيش فيه.
5- خلل فى حواس الجسم كالنظر والسمع، وأيضاً فى التفكير، وفى المشاعر نحو الآخرين وعدم المقدرة على التحكم فى نفسه.
6- النسيان - الإغماء.
التأثيرات طويلة المدى:
1- التهابات المعدة الناتجة عن تهيج واحتقان الغشاء المخاطى المبطن للمعدة، ثم قرحة المعدة التى ينتج عنها نزيف داخلى.
2- فقدان الشهية، ونقص الفيتامينات وأهمها (ب). 3- تهيج الكبد ينتج عنه قيئ دموى وغيبوبة كبدية.
4- تلف العضلات وضمورها. 5- العجز الجنسى لإنخفاضه الهرمونات فى الدم.
6- التهاب البنكرياس الحاد، وقد يسبب الموت.
7- أضرار بالغة بالقلب نتيجة إصابة عضلات القلب ونقص فيتامين (ب) - وأيضاً ارتفاع ضغط الدم.
8- الإصابة بسرطان الفم والزور والمرئ. 9- أضرار بالغة بعصب العين ينتج عنه ضعف البصر ثم العمى.
10- تدمير المخ والجهاز العصبى المركزى.
3- أخطار شرب الخمر مع تعاطى عقارات أو المخدرات
1- يعتبر الكحول من العقارات المهبطة كما ذكرنا سابقاً، ولذا يكون من
الخطورة الشديدة استعمال أدوية مهبطة، مثل الأدوية المهدئة أو المنومة مع
شرب الخمر، لأن ذلك يضاعف التأثير المهبط على أجهزة الجسم، ويجد المتعاطى
نفسه فى حالة هبوط شديد، بسبب بطء قدرة المخ على التحكم فى عملية التنفس،
وحركة القلب. وربما يتسبب هذا فى الموت.
2- أجمع العلماء الآن على أن الخمور تجعل الجسم يمتص الكيماويات الموجودة
فى السجاير والحشيش، بأنواعه المسببة للسرطانات بطريقة أسرع، ولهذا كان شرب
السجاير مع الخمور أو تعاطى حشيش أو بانجو مع الخمور خطير جداً على صحة
المتعاطى، لأنه يرمى نفسه بصورة أسرع لسرطان الفم والزور والمرئ والكبد.
3- تعاطى بعض الأدوية مع شرب الخمر يتسبب عنه أعراض جانبية كثيرة منها مغص
شديد - قيئ - صداع. وهنا يلزم النصيحة بأنه لا شرب خمر مع استعمال أدوية
لتفادى الأعراض الجانبية.
4- شرب الخمر فى فترة الحمل
يجعل حياة الأم الحامل وحياة جنينها فى خطر شديد، وينتج عن ذلك إجهاض، أو
يولد الطفل به عيوب خلقية، أو ناقص النمو أو متخلف عضوياً وعقلياً.
5- وجهة نظر المسيحية فى الخمر
المسيحية ترفض استخدام الخمر للوصول إلى النشوة الكاذبة أو السكر، وإن كانت
لا تعترض على الاستخدام الطبى مثلاً، كما نصح بولس الرسول تلميذه قائلاً:
"من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة.. استعمل خمراً قليلاً"... مما لا يمنع
إمكانية دخول هذه المادة أو غيرها فى تصنيع الأدوية.
وما تراه المسيحية فى الخمر، منذ قديم الزمن، تراه أيضاً فى الإدمان. فكل
ما يذهب بالعقل، ويتلف الجسد، ويدمر الأسرة والمجتمع، نوع من إفساد هيكل
الله - أى الجسد الإنسانى - الذى صنعه القدير بيده القدوسة، ونوع من
الانتحار البطئ أو السريع، وليس من حق الإنسان أن يتصرف فى حياته، فهى ملك
خالص لله تعالى.
إن الذهاب بالعقل، وتغييب الذهن، ضد وصية سليمان الحكيم "مالك روحه، خير
ممن يأخذ مدينة" (أم 32:16). ومهما تزايدت مشاكل الإنسان، فعليه أن يلجأ
إلى الإيمان بالله القادر أن يصنع معه المعجزات، وإلى العقل البشرى -
الوزنة التى أعطاها لنا الله - ليجاهد فى طريق حل هذه المشكلات بمعونته
تعالى.
وهذه بعض الآيات التى تظهر رأى المسيحية فى المخدرات والمسكرات:
1- النهى عنها:
"النذير.. عن الخمر والمسكر يفترز، ولا يشرب خل الخمر، ولا خل المسكر، ولا يشرب من نقيع العنب" (عدد 6: 1،2).
"لا تشرب خمراً ولا مسكراً" (قض 4:13).
"لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح" (أف 18:5).
"لا تكن بين شريبى الخمر، بين المتلفين أجسادهم" (أمثال 20:23).
"لا تنظر إلى الخمر إذا احمرت... فى الآخر تلسع كالحية، وتلدع كالأفعوان" (أمثال 23: 31،32).
2- آثارها المدمرة:
"لمن الويل، لمن الشقاوة، لمن المخاصمات، لمن الكرب، لمن الجروح بلا سبب، لمن أزمهرار العينين؟ للذين يدمنون الخمر، الذين
يدخلون فى طلب الشراب الممزوج" (أمثال 23: 29،30).
"لا تكن بين شريبى الخمر، بين المتلفين أجسادهم" (أمثال 20:23).
"... هؤلاء ضلوا بالخمر، وتاهوا بالمسكر" (أشعياء 7:28).
"الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب" (هوشع 11:4).
"الخمر مستهزئة، والمسكر عجاج، ومن يترنح بهما ليس بحكيم" (أمثال 1:20).
3- تسبب غضب الله:
"ويل للمبكرين صباحاً يبتغون المسكر. للمتأخرين فى العتمة تلهبهم الخمر" (أشعياء 11:5).
"حقاً.. إن الخمر غادرة" (حبقوق 5:2).
"إن كان أحد... زانياً أو طماعاً أو عابد وثن، أو شتاماً، أو سكيراً أو خطافاً.. أن لا تخالطوا ولا تواكلوا مثل هذا" (1كو 11:5).
ويل لمن يسقى صاحبه... مسكراً" (حبقوق 15:2).
"اصحوا أيها السكارى، وابكوا وولولوا يا جميع شاربى الخمر" (يؤئيل 5:2).
"ويل.. للشاربين من كؤوس الخمر" (عاموس 6:6).
4- تحرم متعاطيها من الملكوت:
"أعمال الجسد ظاهرة: زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر،
عداوة.. حسد، قتل، سكر.. الذين يفعلون مثل هذه، لا يرثون ملكوت الله" (غل
21:5).
"لا تضلوا... لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا سكيرون... يرثون ملكوت الله" (1كو 6: 9،10).
من هنا نعلم أن تعاطى المخدرات والمسكرات، لتغييب العقل أو الحصول على نشوة
زائفة، هو نوع من قتل النفس، والقاتل مدان أمام الله، ومحروم من ملكوت
السموات، ما لم يتب عن شر فعله، ويعود إلى حظيرة الحق والقداسة[/center]
0 التعليقات:
إرسال تعليق